يحتوي لعابه على مادة تمنع تخثر الدم و تسبب الخدر للمنطقة النازفة في جسم الضحية
هناك أسطورة قديمة في الأمريكيتين حول مصاص دماء يتحول في الليل إلى خفاش بشع يجول الغابة بحثا عن ضحية ليحط قربها بخفة و هدوء و يقوم بمص دمها , و رغم أن العلماء يرفضون بشكل قاطع أي أساس حقيقي لأسطورة مصاص الدماء الا ان ذلك لا يعني عدم وجود مخلوقات حقيقية تقتات على الدماء , لعل أشهرها في هذا المجال هو الخفاش مصاص الدماء (Vampire bat ) (1) الذي يعيش في المنطقة الممتدة من جنوب الولايات المتحدة الأمريكية و حتى غابات الأمازون في البرازيل , و هذا النوع من الخفافيش صغير الحجم لا يتجاوز وزنه الأربعين غراما و هو قريب الشبه بالخفاش العادي إلا أن ما يميزه هو افتقاده للنسيج الجلدي الذي يغطي المنخرين لذلك يكون انفه عاريا و محاطا بأخدود على شكل نصف دائرة و يكون مزودا بخلايا استشعار تساعده كثيرا في تحديد المنطقة في جسم الضحية التي يكون مجرى الدم فيها اقرب الى الجلد ليقوم بجرحها و الحصول على الدم , و من مميزات الخفاش مصاص الدماء هي رشاقته و خفته عندما يتحرك على الأرض اذ يمكنه الجري بسرعة تصل الى 7.9 كم في الساعة كما يمكنه التحرك في عدة جهات مثل العنكبوت و ربما تكون أعظم مواهبه هي قدرته على القفز الى ارتفاع عالي بواسطة عضلاته القوية , فقفزة سريعة لا تستغرق جزءا من الثانية تمكن هذا النوع من الخفافيش الذي لا يتعدى حجمه إصبع اليد من الوصول الى ارتفاع أربعة أقدام و هذا يساعده كثيرا في التحليق بعد تناوله لوجبته الدموية التي قد يبلغ وزنها العشرين غرام أي نصف وزن الخفاش و بالتالي تصبح مهمة التحليق بالجناحين أشبه بالمستحيلة.
في النهار يختبئ الخفاش مصاص الدماء في أوكار مظلمة داخل الكهوف او جذوع الأشجار و في البنايات المهجورة و يتجمع غالبا على شكل أسراب تتراوح من حيث العدد بين العشرات و الآلاف و يتكون كل سرب من ذكر واحد و عدد من الإناث و الصغار , و عندما يحل الليل و يعم الظلام بشكل كامل يخرج الخفاش من وكره بحثا عن الطعام مستخدما ترددات الصوت و حاسة الشم في العثور على الضحية المناسبة و التي عادة ما تكون من الثدييات كالأبقار و الخنازير و غيرها من الحيوانات الأليفة و أحيانا الإنسان , و عادة تكون الضحية تغط في نوم عميق فيحط الخفاش الى الأرض بجانبها بخفة و يزحف حولها برشاقة مستعملا انفه لتحديد مجرى الدم الأقرب الى الجلد ثم يقوم بواسطة أنيابه الحادة بعمل جرح صغير بطول 7 ملم و عمق 8 ملم في جلد الضحية و يحقن هذا الجرح بلعابه الذي يحتوي على إفرازات تمنع تخثر الدم فيستمر في التدفق بلا انقطاع كما يحتوى اللعاب على مادة تسبب الخدر للمنطقة المجروحة فلا يشعر الضحية بالألم و النزف و لا بلسان الخفاش الصغير الذي يقوم بلعق الدم المتدفق من الجرح (هو بالحقيقة يلعق الدم و لا يمصه) لمدة تقارب العشرين دقيقة يتناول خلالها ما قد يعادل الـ 60 % من وزنه من الدم , و بعد إتمامه لوجبته الدموية يستعمل الخفاش عضلاته القوية لقذف جسده في الهواء و العودة إلى وكره حيث يقضي الليلة في هضم طعامه و الذي يعتمد بالأساس على الخلايا و الصفائح الدموية فيما تقوم معدته و كليته بفصل بلازما الدم (2) و طرحها خارج الجسم.
الخفاش مصاص الدماء مخلوق اجتماعي يعيش في أسراب و يحتاج الخفاش البالغ لتناول وجبة واحدة من الدم خلال يومين او ثلاثة و إلا مات جوعا , و لكن أحيانا لا يجد الخفاش طعاما خلال يوم او يومين لذلك يقوم بالاتصال ببقية أعضاء السرب ليجودوا عليه ببعض الدم و الذي يتم تبادله بالفم بطريقة هي أشبه بالتقبيل.
الخفاش مصاص الدماء قد يتغذى على دم الإنسان و أحيانا يكون سببا في نقل مرض داء الكلب إليه الا انها حالات نادرة و قليلة , و بسبب الخاصية الموجودة في لعابه و التي تمنع الدم من التخثر فقد قام العلماء بدراسة لعابه و صنعوا منه دواء يستعمل كمرقق للدم في حالات السكتة القلبية.
و في الختام و لطمأنة القارئ العزيز ينبغي أن نذكر بأن الخفافيش التي تعيش في المنطقة العربية مسالمة تعلمت منا أن القناعة كنز لا يفنى و أن الرضا "بأقل من القليل" مفتاح السعادة لذلك فهي تكتفي بالحشرات الصغيرة تاركة مص الدماء لنوع أخر من الخفافيش الآدمية الجاثمة ع
ى صدورنا تأبى أن تبارح مكانها منذ دهور.
هناك أسطورة قديمة في الأمريكيتين حول مصاص دماء يتحول في الليل إلى خفاش بشع يجول الغابة بحثا عن ضحية ليحط قربها بخفة و هدوء و يقوم بمص دمها , و رغم أن العلماء يرفضون بشكل قاطع أي أساس حقيقي لأسطورة مصاص الدماء الا ان ذلك لا يعني عدم وجود مخلوقات حقيقية تقتات على الدماء , لعل أشهرها في هذا المجال هو الخفاش مصاص الدماء (Vampire bat ) (1) الذي يعيش في المنطقة الممتدة من جنوب الولايات المتحدة الأمريكية و حتى غابات الأمازون في البرازيل , و هذا النوع من الخفافيش صغير الحجم لا يتجاوز وزنه الأربعين غراما و هو قريب الشبه بالخفاش العادي إلا أن ما يميزه هو افتقاده للنسيج الجلدي الذي يغطي المنخرين لذلك يكون انفه عاريا و محاطا بأخدود على شكل نصف دائرة و يكون مزودا بخلايا استشعار تساعده كثيرا في تحديد المنطقة في جسم الضحية التي يكون مجرى الدم فيها اقرب الى الجلد ليقوم بجرحها و الحصول على الدم , و من مميزات الخفاش مصاص الدماء هي رشاقته و خفته عندما يتحرك على الأرض اذ يمكنه الجري بسرعة تصل الى 7.9 كم في الساعة كما يمكنه التحرك في عدة جهات مثل العنكبوت و ربما تكون أعظم مواهبه هي قدرته على القفز الى ارتفاع عالي بواسطة عضلاته القوية , فقفزة سريعة لا تستغرق جزءا من الثانية تمكن هذا النوع من الخفافيش الذي لا يتعدى حجمه إصبع اليد من الوصول الى ارتفاع أربعة أقدام و هذا يساعده كثيرا في التحليق بعد تناوله لوجبته الدموية التي قد يبلغ وزنها العشرين غرام أي نصف وزن الخفاش و بالتالي تصبح مهمة التحليق بالجناحين أشبه بالمستحيلة.
في النهار يختبئ الخفاش مصاص الدماء في أوكار مظلمة داخل الكهوف او جذوع الأشجار و في البنايات المهجورة و يتجمع غالبا على شكل أسراب تتراوح من حيث العدد بين العشرات و الآلاف و يتكون كل سرب من ذكر واحد و عدد من الإناث و الصغار , و عندما يحل الليل و يعم الظلام بشكل كامل يخرج الخفاش من وكره بحثا عن الطعام مستخدما ترددات الصوت و حاسة الشم في العثور على الضحية المناسبة و التي عادة ما تكون من الثدييات كالأبقار و الخنازير و غيرها من الحيوانات الأليفة و أحيانا الإنسان , و عادة تكون الضحية تغط في نوم عميق فيحط الخفاش الى الأرض بجانبها بخفة و يزحف حولها برشاقة مستعملا انفه لتحديد مجرى الدم الأقرب الى الجلد ثم يقوم بواسطة أنيابه الحادة بعمل جرح صغير بطول 7 ملم و عمق 8 ملم في جلد الضحية و يحقن هذا الجرح بلعابه الذي يحتوي على إفرازات تمنع تخثر الدم فيستمر في التدفق بلا انقطاع كما يحتوى اللعاب على مادة تسبب الخدر للمنطقة المجروحة فلا يشعر الضحية بالألم و النزف و لا بلسان الخفاش الصغير الذي يقوم بلعق الدم المتدفق من الجرح (هو بالحقيقة يلعق الدم و لا يمصه) لمدة تقارب العشرين دقيقة يتناول خلالها ما قد يعادل الـ 60 % من وزنه من الدم , و بعد إتمامه لوجبته الدموية يستعمل الخفاش عضلاته القوية لقذف جسده في الهواء و العودة إلى وكره حيث يقضي الليلة في هضم طعامه و الذي يعتمد بالأساس على الخلايا و الصفائح الدموية فيما تقوم معدته و كليته بفصل بلازما الدم (2) و طرحها خارج الجسم.
الخفاش مصاص الدماء مخلوق اجتماعي يعيش في أسراب و يحتاج الخفاش البالغ لتناول وجبة واحدة من الدم خلال يومين او ثلاثة و إلا مات جوعا , و لكن أحيانا لا يجد الخفاش طعاما خلال يوم او يومين لذلك يقوم بالاتصال ببقية أعضاء السرب ليجودوا عليه ببعض الدم و الذي يتم تبادله بالفم بطريقة هي أشبه بالتقبيل.
الخفاش مصاص الدماء قد يتغذى على دم الإنسان و أحيانا يكون سببا في نقل مرض داء الكلب إليه الا انها حالات نادرة و قليلة , و بسبب الخاصية الموجودة في لعابه و التي تمنع الدم من التخثر فقد قام العلماء بدراسة لعابه و صنعوا منه دواء يستعمل كمرقق للدم في حالات السكتة القلبية.
و في الختام و لطمأنة القارئ العزيز ينبغي أن نذكر بأن الخفافيش التي تعيش في المنطقة العربية مسالمة تعلمت منا أن القناعة كنز لا يفنى و أن الرضا "بأقل من القليل" مفتاح السعادة لذلك فهي تكتفي بالحشرات الصغيرة تاركة مص الدماء لنوع أخر من الخفافيش الآدمية الجاثمة ع
ى صدورنا تأبى أن تبارح مكانها منذ دهور.